أنا اسمي “ن . ح” من الغوطة الشرقية ومن سكان عين ترما.
أقيم حاليا خارج سوريا وأعمل على إكمال تعليمي الجامعي. قبل 2010 كانت روتين حياتي مقتصر على المدرسة والمنزل. مع انطلاقة الثورة السورية وبدء القصف على بلدتي اضطررت للنزوح إلى حي جوبر، ثم مع تصاعد الأحداث فيه نزحت إلى النبك ثم إلى لبنان حيث عشت هناك هربا من الرعب الذي لازمنا منذ 2011 بسبب القصف والانفجارات والتي كانت تدفعنا أحيانا للهرب إلى المساجد بحثاً عن مكان أمن من القصف.
نزحنا بسبب جيش النظام السوري وقواته الأمنية والتي أمعنت في قتل المتظاهرين وارتقى في كل منطقة شهداء بأعداد كبيرة إضافة للممارسات اللاإنسانية على الحواجز التابعة للنظام واستخدامها لسلاح القنص.
أهم حدث غير حياتي بشكل كامل هو ما جرى ليلة 21/8/2013
كنت حاملاً في شهري السابع وكنا سبع عائلات نسكن في منزل واحد، كان الوضع فوضويا داخل المنزل وأنا شخصياً كنت مرهقة نفسيا بسبب أخبار القصف والموت.
لم يكن يخطر لنا أبدا أن هناك سلاح اسمه غاز السارين. في يوم المجزرة استيقظت في الساعة الثامنة صباحا على صوت مرتفع للتلفاز على نشرة الأخبار، اتجهت للغرفة التي يوجد فيها التلفاز وأول ما وقعت عيني عليه كانت صورة أخي الكبير على الشاشة، كان مستلقياً لا يتحرك، ثم شاهدت رجلاً يحمل ابن اخي الصغير وعمره لا يتجاوز بضعة أشهر.
حينها كانت حالتي سيئة جدا حاولت الاتصال على سوريا لم يجب أحد، حتى زوجي لم يجب حيث كان بالعمل ولكن بعد نحو نصف ساعة وصل زوجي وأخبرني أن أخي الثاني قد أخبره بما جرى وأن كل عائلتي الذين كانوا بنفس المكان قد استشهدوا بعدما سقط صاروخ يحمل غاز السارين في البناء الذي يقطنون فيه وصاروخ آخر سقط في بناء أقاربي الآخرين .
علمت أن أمي وأبي وإخوتي وزوجاتهم وأولادهم كلهم استشهدوا بالكيماوي ونقلوهم إلى بلدة حمورية ليدفنوهم هناك. وبعد يومين علمت أن أختي الصغيرة وأخي كانوا على قيد الحياة ولكنهم كانوا في عداد المفقودين ولكن البقية كلهم استشهدوا.
استشهد من عائلتي عشرة أطفال، ومن النساء استشهدت خمسة عشر امرأة، أما الرجال فقد كان من بين الشهداء والدي وأخي وخالي وثلاثة من أبناء عماتي وأذكر منهم حاليا سبعة أشخاص لكن العدد كان أكبر بكثير.
أخبرني أخي أن القصف كان في الليل في الوقت الذي كان فيه الجميع نائما، وعندما وصلوا إلى منزل عائلتي وجدوهم وهم يحاولون الخروج من المنزل لكن الوقت لم يسعفهم وجدوا أبي على درج المنزل وزوجة أخي وجدت وقد سقطت عن الدرج وهي تحمل بنتيها الاثنتين، وأعتقد أن أختي التي نجت كانت بالقبو وهي حاليا تعاني من فقدان جزئي للذاكرة واخي كان قد تمكن من الوصول إلى الشارع، أمام المنزل تماما.
أحمل المسؤولية كاملة للنظام السوري على رأسه بشار الأسد لأن المنطقة التي تم قصفها هي منطقة مكتظة بالسكان والأطفال والمدنيين رغم ذلك استهدفهم.