في يوم الأربعاء الواقع ٢١/٨/٢٠١٣ حوالي الساعة الواحدة و ٢٠ دقيقة أذكر أنني كنت جالسة مع طفلي وعائلة زوجي المكوّنة من والدته وأخته وأخيه مع زوجته وطفلته بالإضافة الى خالة زوجي وزوجها وبناتها.كان قسم منا نائم في تلك الليلة والقسم الاخر مستيقظ ويعاني من صعوبة في النوم بسبب حرارة الجو لأننا في شهر أب هو من أشد الشهور حرارة .
كان زوجي برفقة أصدقائه تلك الليلة يسهر كعادته على سطح المنزل الذي كنا نسكنه ، وبعد غادر أصدقائه بفترة قليلة سمعنا أصوات قصف قريبة من منطقة سكننا ، ظننا أنه كالقصف المعتاد الذي نسمعه دائما عندها نزل زوجي من السطح وقال لنا انه يوجد قصف قريب حولنا لنأخذ احتياطنا المعتاد وبعد وقت قصير أخبرنا زوجي أنه قصف كيماوي وأنه سوف يذهب للنقطة الطبية للمساعدة في الإسعاف كونه يعمل في أحد المراكز الطبية . بدأت تعلو هنا أصوات الناس وسيارات الإسعاف والاستغاثات .
وبدأنا نشعر حينها بشعور الخوف من غرابة الموقف، كما بدأت عملية الشهيق والزفير تصبح صعبة و بدأنا نعاني من ثقل في الصدر .فقمنا بوضع مناديل مبللة بالماء على أنوفنا وافواهنا ووجوهنا ك إسعاف أولي لعله يسهم في في إبعاد خطر الاختناق بالغاز .كنا بحالة هلع وخوف كونه قصف كيماوي ولا ندري عنه شيء فهو نوع من أسلحة غير معتادة لم نجربه من قبل على هذا المستوى.
خرج أحد أقاربي ليشارك في إسعاف المستغيثين لأنه يملك سيارة بعدما علم أن أعداد المصابين كثيرة فقد بدأت الاستغاثات بالطرقات ومكبرات الصوت تطلب المساعدة والنجدة.
أما نحن النساء والأطفال فقد بقينا في المنزل لوحدنا وبدأت أقلق بسبب عدم وصول أي خبر عن زوجي بسبب عدم توفر الاتصالات .بعد وصول خبر الهجوم الكيماوي لباقي بلدات الغوطة استطاع أحد أقاربي والذي يقيم في بلدة كفربطنا من الوصول بسيارته إلى منطقتنا .
قام على الفور بإسعافنا إلى نقطة طبية في كفربطنا أجروا لنا الإسعافات الضرورية وإزالة كل التلوث بالغاز العالق في ملابسنا .
أتذكر المشاهد المرعبة ونحن في الطريق إلى بلدة كفربطنا ، حالة الهلع والخوف وصراخ الناس واستغاثاتهم .
تلك الليلة كانت ليلة صعبة جدا لأنني عانيت من ضيق نفس واضطراب في العيون.
ازداد قلقي على زوجي حيث لم يصلني أي خبر عنه وشعرت أنّ شيئاً سيئاً سوف يحدث.
في الصباح التالي وصل أحد أصدقاء زوجي إلى مكان إقامتنا وأخبرني أن زوجي أصيب إصابة شديدة بالكيماوي وقد تم اسعافه ليلاً وسيصل بعد قليل.
عندما وصل زوجي كانت حالته الصحية سيئة جداً، كانت عيناه حمراوين جاحظتين، وكان يتنفس بصعوبة بالغة، وأصيب بحالة هلع وخوف كأنه لا يصدق أنه ما زال حياً.
بقيت أعراض الإصابة علينا لما يقارب ثلاثة أيام، بينما كانت تصلنا تباعاً أخبار الشهداء والأعداد الكبيرة للمصابين أدركنا حجم الكارثة التي لا يستطيع العقل تصورها.
فكثير منهم كانوا معنا قبل الحادثة بأيام قليلة منهم اصدقاؤنا ومعارفنا وفي لحظة فقدناهم إلى الأبد.
تقبلهم الله جميعاً وجعلهم في عليين.