اسمي ر.أ وعمري 30 سنة من خان شيخون في محافظة إدلب.

بتاريخ 4 إبريل 2017 وبين الساعة السادسة والسابعة صباحا، وبينما كنت في منزلي في مدينة خان شيخون سمعت صوت انفجار واضح فهرعت إلى باب المنزل ورأيت الدخان يتصاعد في سماء الحي الذي أقطنه مقابل الفرن الآلي.

أسرعت إلى الداخل وقمت بغسل وجهي وارتديت ملابسي بشكل سريع، ثم توجهت إلى مكان عملي حيث كنت أعمل في محل لصيانة الهواتف، كان مكان عملي قريباً جداً من مكان سقوط الصاروخ ولم أكن أعلم حينها أعلم أنّه يحمل مواد كيميائية ،لكنني كنت أسمع صرخات المدنيين تطلب المساعدة لأنّ سيارات الإسعاف تأخرت عن الوصول بسبب الارتباك الحاصل والحركة غير الطبيعية في المدينة.

أغلقت محلي وأسرعت لمكان الاستهداف، وفور وصولي بدأت أشعر بالاختناق، أحاول التنفس فلا أستطيع، من المعروف أن عملية الاختناق تحدث عندما يتم منع الإنسان من استنشاق الهواء، أما أنا فكنت أستنشق هواء ملوثاً بمواد كيماوية، أحسست بأني سأفقد حياتي فرجعت مسرعاً إلى مكان عملي الذي وصلت إليه بصعوبة، لأتفاجأ بجاري يعاني أيضاً ما أعانيه ويلهث بقوة ويطلب مني أن أسعفه، أخبرته أني لا أملك شيئاً لإنقاذه أو إنقاذ نفسي، فقال قد سيارتي وأوصلنا إلى النقطة الطبية القريبة، كانت زوجته أيضاً تعاني ذات الأعراض، كنا تقريباً أول الواصلين إلى النقطة الطبية، كنت أشعر حينها أني سأفقد بصري، وأشعر بحرقة تصيب العينين، بعد ابتعادي عن مكان الاستهداف بدأت أستنشق هواء أقل تلوثاً، لكنني سمعت صرخات الناس تعلو وكل منهم يقول: “لقد تم ضربنا بالسارين.. هذا غاز السارين”.

 في طريق عودتي للمنزل وبينما كنت أظن أنني صرت بحال أفضل أحسست بالدوار وتقيأت كل ما في جوفي وطلبت المساعدة من جديد للوصول للمشفى ثم غبت عن الوعي.

عندما عاد إلي الوعي وجدت نفسي في النقطة الطبية  والممرض يحقنني بمادة الأتروبين، أذكر أني بقيت يوماً كاملاً هناك، كثير من المصابين كانوا بحال أسوأ من حالتي، يخرج من أفواههم الزبد عيونهم جاحظة، بعضهم يختلج وبعضهم يتنفس بصعوبة.

صحيح أنني بقيت يوماً واحداً في النقطة الطبية لكن الأعراض بقيت تلازمني لنحو سنة، لا أميّز الروائح وكنت أعاني من ألم مستمر في رأسي.

شهدت في النقطة الطبية مأساة كبيرة، رأيت المصابين  يتناوبون على أجهزة التنفس الصناعي القليلة قياساً بعدد المصابين، وبعضهم وصل إلى النقطة الطبية وقد فارق الحياة وآخرون لم تنجح محاولات إنقاذهم.

أذكر أنّ أول إحصاء للضحايا كان 107 شهيد، ثم ارتفع العدد إلى 130 شهيدا.

بعد خروجي من النقطة الطبية تمنيت لو أنني لم أخرج، كانت المشاهد قاسية جدا، صحيح أن أحداً من عائلتي لم يمت لكنني فقدت أصدقاء وجيران، رأيت عائلات بأكملها قد فارقت الحياة، كان المسعفون يتحولون إلى ضحايا بحاجة لمن يسعفهم.

شارك

This post is also available in: English Français